هذا الإعلام المتعلق بكونها زوجة له مخالفة لأمر من الله تعالى وإلا لكان ذنباً تجب منه التوبة وليس في الآية الكريمة ما يشعر بشيء من ذلك.
* * *
[(ما أخفاه النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفسه)]
وإنما الذي تعطيه التلاوة الكريمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخفى إعلام الله له بتزويجها منه بعد طلاق زيد لها اجتهاداً منه - صلى الله عليه وسلم - في توقيت الإعلام إذ لم نر أحداً من المفسرين والمحدثين قال بتقييد هذا الإعلام بوقت معين، فاجتهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في تأجيله وتلبثه به متأنياً انتظاراً لإنجاز الله له الوعد بتزويجه إياها، وحتى يعلم حقيقة ما عند زيد بالنسبة لها من ميل إليها ورغبة فيها أو عزيمة باتة في إرادة طلاقها.
وعلى هذا القدر في الخطأ في الاجتهاد عاتب الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - عتاباً تحذيرياً.
وبهذا القول -الذي تعطيه التلاوة من أن الذي أخفاه النبي - صلى الله عليه وسلم - هو إعلام الله له أنَّهَا ستكون زوجة له بعد طلاقها منْ زيد- قال جمهور السلف ومنهم علي بن الحسين -زين العابدين- والزهري والسدي والمحققون من أهل التفسير والعلماء الراسخون والقاضي بكر بن العلاء وابن العربي والقرطبي والقاضي عياض في الشفاء والقسطلاني في المواهب والزرقاني في شرحها وغيرهم ممن يعنون بفهم الآيات القرآنية وفقهها وتنزيه الرسل عما لا يليق بهم من الروايات البعيدة عن منطق الحق والواقع.