وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٠٤)) ليواصلوا الجهاد، وملاحقة الكافرين الذين ناصبوهم العداء كسراً لشوكة الكفر والكافرين، وخضداً لقوة أعداء الإسلام والمسلمين الذين يحاولون القضاء على الدين الإسلامى وإهلاك أهله المنتمين إليه المخلصين في الدعوة إلى سبيله إعلاء لشأنه وترسيخاً لأركانه.
ولتذكيرهم بألا يجعلوا من آلامهم الجسمية التي أصابتهم في جهادهم لأعداء الله ورسوله مانعاً من ابتغاء الكافرين ومطاردتهم، فإن أعداءهم أصيبوا بمثل ما أصيبوا به من الآلام وأوجاع الجراح والقتل، ومع ذلك فهم يصبرون على آلامهم، وينازلون المسلمين للقضاء عليهم، وعلى دينهم، فلا ينبغى لكم أيها المؤمنون أن تكونوا أقل صبراً من أعدائكم ولا أن تضعفوا عن مواقفتهم وملاحقتهم وأنتم تزيدون عليهم برفعة الإيمان والرجاء من الله نصره وتأييده وإظهار دينه وهو ما لا يرجوه أعداؤكم لأن الله مولاكم ولا مولى لهم.
ولتحذير المؤمنين ألا يضعفوا عن ملاحقة أعدائهم وألا يغفلوا عن الاستعداد لهم كسراً لشوكتهم في كل آن.
* * *
[(الأمر بالتزام الحق والعدل في معاملة جميع الناس)]
وقد جاء صدر الآية الأولى من هذه الآيات الثلاث -موضع البحث- بعثاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على التزام الحق والعدل في معاملة جميع الناس أعداء كانوا أم أصدقاء، كفاراً أم مؤمنين -كما هو ديدنه - صلى الله عليه وسلم - في جميع الأحوال والأوقات والملابسات ومع جميع الناس من حيث هم ناس دون نظر إلى ما هم عليه من عقيدة ليكون ذلك نهجاً واجب السلوك على أمته من بعده في مقام انتصارها على أعدائها والظهور عليهم والتمكن منهم ألا يجانبوا الحق