إلا ملء بطونهم وتحقيق رغائبهم الدنيوية لضعف عقولهم عن إدراك الهدى في رسالة الله وعن النظر في آياته ودلائله وبراهينه التي تنهى عن المتابعة دون تعقل أو تدبر.
وهذا كناية عن تقدير فضل أولئك الصفوة من المؤمنين، وحبهم وإيثارهم في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على غيرهم من أهل الدنيا المستغرقين في زخارفها وترفها تطلعاً إلى أن يكونوا جنداً للرسالة ليتبعهم غيرهم من أتباعهم الذين يقلدونهم ويأخذون بأقوالهم، فالمراد بإرادة زينة الحياة الدنيا إرادة " أهلها وأشرافها " -كما قال ابن زيد فيما نقله عنه الطبري- ليكونوا ذرائع لإيمان غيرهم ممن يتبعهم من عامة الناس.
* * *
[(تيئيس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رجاء إيمان المستكبرين)]
وفي قوله تعالى (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطً) دمغ للظالمين الجاحدين لآيات الله تعالى بأن الغفلة مستولية على قلوبهم فلا يفيقون من سكرتها ولا يصحون من رقدتها لينظروا في آيات الله ودلائله لأن الله تعالى ختم بالغفلة على قلوبهم وعقولهم فكان أمرهم إلى التبار والضياع.
وهذا يتضمن تيئيس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رجاء إيمانهم، وفيه تعريض بأن هؤلاء المستكبرين لا تنفع فيهم دعوة إلى الله تعالى ولا إقامة حجة أو برهان على صدق رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندهم، وفيه إشارة إلى أن أمر هؤلاء الصفوة من عباد الله المؤمنين في ثبات وعلو وارتفاع على عكس أمر أولئك الغافلين.