لك ما لم أنْهَ عنك "، " تطييباً لنفس أبي طالب لعله يدخل الرجاء إلى قلبه فيتوب، ويراجع الإيمان في آخر عهده بالدنيا قبل المعاينة، أو هو من قبل الدعاء له بالهداية كما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه دعا لكفار أحد فقال:" رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " وقد أوضحت الرواية الأخرى -وهي قوله - صلى الله عليه وسلم - " اللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون "- أن الدعاء بالمغفرة هنا أريد به الدعاء بالهداية لهم ليؤمنوا. وهذا لا يعاتب عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان أن نزلت الآية عند مناسبتها في ذلك الوقت قطعاً لرجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إيمانه وزجراً لبعض المؤمنين الذين وقع منهم الاستغفار لذوي قرباهم من المشركين، وقد تبين له - صلى الله عليه وسلم - بصريح قوله أنه باقٍ على كفره، وهذا معنى قوله تعالى:(مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ).
أما حمل معنى الآية على الوجه الثاني من معنيي هذا التركيب -وهو الذي يدل على تضمنها للنهي- فالعتاب وارد على احتمال وقوع الاستغفار من النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه وفاء بوعده " لأستغفرنَّ لك ما لم أنْهَ عنك " أو على مجرد الوعد بذلك كما يدل عليه تذييل الآية الكريمة، لأن من مات على الكفر لا يستغفر له، ولا يوعد بالاستغفار له.
* * *
[(موقع العتاب من هذه الآية)]
وموقع العتاب في هذا جاء على شدة رجاء وإلحاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إيمان أبي طالب مع تمسكه بملة الأشياخ وقوله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لولا