ابن أبي أمية:" أترغب عن ملة عبد المطلب؟ " فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضها عليه ويعيدانه بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم:" على ملة عبد المطلب ". وأبى أن يقول لا إله إلا الله. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " والله لأستغفرن لك ما لم أنْهَ عنك " فأنزل الله - عز وجل - (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ).
فهل يدل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لأستغفرن لك ما لم أنْهَ عنك " على وقوع الاستغفار منه لأبي طالب فعلا؟ أو يدل على وعد منه بالاستغفار له فنزلت الآية نهياً عن الاستغفار أو الوعد به؟.
فالآية على هذا مكية نزلت عند موت أبي طالب كما يدل عليه أصل استعمال الفاء في التعقيب والترتيب بغير مهملة، ولهذا لا وجه للقول " بتقدم السبب وتأخير النزول " إلى أواخر العهد بالمدينة حملاً للفاء على السببية كما ذهب إلبه بعض من أهل العلم، لما بينا من أصل استعمال الفاء، ولأن الرابط بين السبب والمسبب أمر عقلي لا يمكن أن يتأخر المسبب فيه عن السبب زمناً طويلاً كما يقولون، وقد يكون الربط عادياً فيتخلف المسبب عن السبب.
فعلى حمل معنى الآية على الوجه الأول من معنيي هذا الأسلوب- وهو النفى والتبرئة والتنزيه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكون وقع منه استغفار لأبي طالب- فلا عتاب فيها لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويكون قوله " لأستغفرن