وهو الذي سميناه عتاب الإقصار والكف عن بعض ما يبذله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المكابدة في التبليغ إبقاء عليه أن يبخع نفسه الشريفة ويقتلها.
كان ما نزل من الآيات في عتاب الدفع وتقوية العزيمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشاعل من النور وقوة في دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تبليغ دعوته، وعدم المبالاة بما يلقى في سبيلها من تكذيب، وإيذاء وبلاء، كان يتخطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوة عزيمته، وصارم إرادته، لا يبالي بما يكون، ولا بما يناله من آثار ذلك، ولا يوئسه منهم إعراضهم وصدفهم عن قبول دعوته، وصدودهم عن الاستماع إلى ما ينزل إليه من آيات ربه، بل كان دؤوباً صادق العزم، قوي الإرادة حتى بلغ من شدة حرصه عليهم ما كفه الله تعالى عن بعضه وأمره بالتخفيف منه قليلاً ليكون دائماً على أهبة التبليغ، ونشر الدعوة، فلا يؤخره صد منهم عن سبيل الله، ولا إعراض عنه.
وكان ذلك جهداً فوق طاقته - صلى الله عليه وسلم - ولكنه مهد السبيل لسير الدعوة، وتبليغها رغم ما كان فيه من إجهاد لطاقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتلطف الله به وأنزل عليه آيات للإقصار والكف عن المبالغة في الجهد حتى لا يصيبه - صلى الله عليه وسلم - من المشاق والمتاعب، والنصب ما يعوق الرسالة عن سيرها، فكان ذلك ما قصدناه من عتاب الإقصار والكف.
* * *
[(آيات عتاب الإقصار)]
وقد تمثل هذا القسم في ثلاث آيات من القرآن الكريم حسب ما وصلنا إليه في البحث.