بإجابتهم إلى الأذن بالقعود حين طلبوه نجم عنه ألا يعلم الصادق في عذره من الكاذب فيه، فكان ذلك موطناً للعتاب في الآية الكريمة.
وهذا الذي قررناه من أن العتاب كان على المسارعة بالإذن لهم لا على نفس الإذن هو ما ذهب إليه المحققون من المفسرين، وقد صرح به الزمخشري في الكشاف فقال:" ومعناه: ما لك أذنت لهم في القعود عن الغزو حين استأذنوك، واعتلوا لك بعللهم، وهلا استأنيت بالأذن " حتى يتبين لك " من صدق في عذره ممن كذب فيه ".
وقال أبو السعود:". . كلمة (حتى) سواء كانت بمعنى اللام أو بمعى إلى لا يمكن تعلقها بقوله تعالى: (لِمَ أَذِنْتَ) لاستلزامه أن يكون إذنه عليه الصلاة والسلام لهم معللاً أو مغياً بالتبين والعلم ويكون توجيه الاستفهام إليه من تلك الحيثية، وذلك بين الفساد بل بما يدل عليه ذلك، كأنه قيل: لم سارعت إلى الإذن لهم وهلا تأنيت حتى ينجلي الأمر كما هو قضية الحزم " ونهج صاحب تفسر المنار نهجهما فقال: " .. كان مقتضى الحزم أن تتلبث في الإذن أو تمسك عنه اختباراً لهم ".
* * *
[(بيان وجه الصواب في الإذن لهم بالقعود)]
أما بيان الآيات التالية لهذه الآية الكريمة من أن الأذن لهم بالقعود عن الخروج إلى غزوة تبوك صواب في موضعه لما يترتب على خروج المنافقين من الإفساد في الجيش، وإحداث الفتن بين المجاهدين وتثبيط عزائمهم فقد