بينا -فيما سبق- أن المقصود من الحالة الأولى من حالتي عتاب التوجيه لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي إشعاره - صلى الله عليه وسلم -بتحميله أمانة القيام بتبليغ رسالته، وتقوية عزيمته في تبليغ ما ينزل عليه من آيات القرآن الكريم مهما بلغ ما فيها من شدة الإنذار والزجر والتهديد وعيب الشرك ومعتنقيه، ومن مات عليه.
وبالنظر في آيات القرآن الكريم ومطابقتها لوقائع سير الرسالة وتبليغها -مع عدم الجزم بترتيب نزول الآيات- رأينا أن نقف في هذا الترتيب مع وقائع التبليغ التي وردت بها الأحاديث الثابتة في بيان اختلاف مواطن التبليغ، ونشر الدعوة.
فكانت الآيات التي تعبر عن ضيق صدر النبي - صلى الله عليه وسلم - في مطلع الرسالة ومباديها، هي المقصودة بالحديث عن توضيح هذه الحالة، وما جاء فيها من عتاب.
وأبين موضع يمثل هذ الحالة -في نظرنا- صدر سورة الأعراف: وهو قوله تعالى: (المص (١) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢)).
فالكتاب في أسلوب الآية الكريمة هو القرآن الكريم، لأن المخاطب هو المنزل إليه الكتاب، وهو سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين والمرسلين.