ومعناه: لم أسرعت بالإذن لهم، ولم تتأن بهم وتتلبث لينكشف حالهم بقعودهم عن الخروج معك دون إذن منك فتعلم أنت وأصحابك الصادقين من الكاذبين منهم.
* * *
[(موضع العتاب من الآية)]
فالعتاب - إنما كان على المسارعة بالإذن لهم بالقعود لا على نفس الإذن لهم بالتخلف والقعود خلافاً لما توهمه عبارات بعض المفسرين، أخذاً بظاهر أسلوب الآية الذي وجه فيه الإنكار للإذن مباشرة، لأن الإذن لهم بالقعود إنما كان عن اجتهاد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قررت الآيات الآتية صوابه بمقتضى ما يأتي من الوجوه التي سنذكرها في معاني هذه الآيات.
وقد حمل استفتاح هذه الآية الكريمة بقوله تعالى:(عَفَا اللهُ عَنْكَ) القائلين بأن في الآية عتاباً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الجري بأن الآية تقتضي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالف ما هو أولى بالحزم في حق هؤلاء المنافقين ".
وظاهر عبارات كثير من المفسرين أن العتاب كان على نفس الإذن لهم بالقعود، وهذا الظاهر ليس بمسلم، لأن العتاب إنما كان على الإسراع لهم بالإذن بالقعود عن الخروج إلى غزاة تبوك، وعدم التلبث والتأني بهم حتى ينكشف أمرهم، ويظهر نفاقهم لكل أحد لينقطع ما بأيديهم من سبب يضللون به المؤمنين أنهم منهم وما هم منهم في شىء، فنفس الإذن لهم بالقعود عنه صواب في موضعه، لأن الآيات التالية لهذه الآية بينت أنَّهم لو خرجوا معه - صلى الله عليه وسلم - لأحدثوا الفتن في الجيش الإسلامي بيد أن المسارعة