للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أكد ذلك إخباراً بالغيب ومعجزة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنهم سيحلفون لو استطاعوا لخرجوا معه وهم بهذا الحلف يهلكون أنفسهم، كاذبين مفترين.

ولقد كان المنافقون على عزيمة استئذان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التخلف والقعود بأعذار زائفة وهم مضمرون للقعود سواء أذن لهم أم لم يأذن لهم فيه فقد قالوا: " استأذنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن أذن لكم فاقعدوا، وإن لم يأذن لكم فاقعدوا ".

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على يقين من العلم بأن المنافقين المندسين في مجتمعه مفسدون جبناء يرتعدون فرقاً من ملاقاة العدو، يحاولون أن يخذلوا الجيش الإسلامي، ويفسدوا أمره بإحداث الفتن والقلاقل والاضطرابات والتخويف فأسرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإذن لهم بالقعود دون أن يتلبث بهم حتى ينكشف سترهم وينفضح أمرهم، ويظهر الصادق من الكاذب.

ولما كانت هذه الغزوة من أعظم غزوات الإسلام عدداً وعدة، ونهاية خاتمة لغزوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه أراد الله تعالى أن يجعلها امتحاناً يكشف به أمر المنافقين ويفضح خبايا ضمائرهم ليتميز الصادق من الكاذب، ويخلص المجتمع الإسلامي من الجبناء الرعاديد ولا يبقى فيه إلا ْكل شجاع صنديد، قال لرسوله - صلى الله عليه وسلم - (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (٤٣)).

<<  <   >  >>