وهنا أبرز زيد - رضي الله عنه - باسمه ولم يبرز بوصف الإنعام عليه من الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في صدر الآية -لأنه حينئذ- أي بعد انقضاء الوطر منها - لم يبق للوصف ما يدعو إلى وجوده لما في التزوج بها من تأكيد رفع وإبطال البنوة المدعاة.
* * *
[(التشريع المقصود بهذه الآية الكريمة)]
ثم قال تعالى (لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ) وهذا الباب القصة وقلبها، وتشريعها المقصود الأهم منها، وكل الذي سبق كان تمهيداً لها فكأنما قيل: زواج زيد بزينب وقضاء وطره منها، ووقوع النفرة بينهما وذهاب الرغبة منها والميل إليها من قلبه وتزويج الرسول - صلى الله عليه وسلم - بها إنما كان تمهيداً لهذا التشريع الذي يمتد مع الأمة في خلودها والرسالة في عمومها وتفنى الأشخاص ويبقى هذا التشريع قائماً ينادي على عظمة الإسلام في مساواته بين الناس أجمعين، وقطع جذور أباطيل الجاهلية فيما ابتدعوه من عادات وقبائح سيئة لا تعبر عن حقيقة واقعة أبطها الله تعالى في صدر هذه السورة بقوله تعالى (مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ).
وألزم الله رسول - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية الكريمة - بقوله (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا. . . . .) - بالتزوج من زينب بنت جحشن مطلقة دعيه ليكون - صلى الله عليه وسلم - حامل راية تقل إبطال هذه العادة الجاهلية لأن ذلك من أمور التشريع