جميعاً، وانفرد الإسلام عزيزاً منصوراً يمشي في تبليغ رسالته إلى أطراف الجزيرة العربية وإلى خارجها.
ولو لم يكن من صور صبره - صلى الله عليه وسلم - على سفاهة السفهاء وقالة السوء من أعدى أعداء الإسلام المنافقين واليهود إلا صبره في قصة الإفك، ومقابلة ذلك بأرسخ اليقين، والثقة في الله تعالى، وعدم المبالاة بتقول المتقولين وافتراء المفترين لكفاه - صلى الله عليه وسلم - ذلك في مواقف مفاخره بالاعتصام بالله وإفراده وحده بالخشية منه دون خشية أحد من خلقه.
ثم قال تعالى (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولًا) وهذا تفريع على جملتي الحال السابقتين في قوله (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) وقوله (وَتَخْشَى النَّاسَ) على ما ذكرنا من الوجوه في معنييهما والمراد منهما. وهما في ارتباطهما كأنهما جملة واحدة تضمنتا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخفى في نفسه إعلام الله له أن زينب بنت جحش ستكون زوجاً له بعد طلاق زيد لها وانقضاء عدتها منه.
ومعنى قضاء الوطر منها: هو عدم الرغبة فيها وعدم الميل إليها وبذلك حلت لك فزوجناكها.
والوطر في الآية الكريمة ما يكون بين الزوجين وهو متضمن معه انتهاء الحب والمودة والرحمة والسكون والميل إليها وتعلق نفسه بشيء منها.
وحيث انتهى ذلك كله لم يبق إلا تنفيذ ما أعلمناك به من زواجك بها.