وثانية آيات هذا النوع من العتاب: -بحسب ما وصل إليه بحثنا- هى قوله تعالى:(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٨٠)).
وقد وردت هذه الآية الكريمة إثر أن بيّن الله تعالى حال المنافقين مع المؤمنين، وكشف الستر عنهم فإن أولئك المنافقين لم يكتفوا بما هم غارقون فيه من بخل بما أوجبه الله عليهم في أموالهم أو ندبهم إليه فيها، ولم يخجلهم شحهم بمال الله تعالى، بل تعدوا ذلك كله إلى إيذاء المؤمنين المتصدقين أغنياء وفقراء استجابة لدعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم بقوله:" تصدقوا فإني أريد أن أبعث بعثاً " فلمزوهم بما هم برآء منه وعابوهم على ما يبذلونه في سبيل الله تطوعاً، فتوعدهم الله تعالى بالسخرية منهم في الدنيا بأن " جعلهم سخرية للمؤمنين، والناس أجمعين بفضيحته لهم في هذه السورة " الفاضحة لأحوالهم، الحافرة عما في قلوبهم من دغل، وتوعدهم بالعذاب الأليم الذي سينزله بهم فِي الدنيا والآخرة.
قال ابن كثير في تفسيره:" هذا من باب المقابلة على سوء صنيعهم واستهزائهم بالمؤمنين، لأن الجزاء من جنس العمل فعاملهم معاملة من سخر منهم انتصاراً للمؤمنين في الدنيا وأعد للمنافقين في الآخرة عذاباً أليماً لأن الجزاء من جنس العمل ".