ثم بينت هذه الآيات الكريمة أن الغرض من إنزال الكتاب هو إنذار الكافرين، وتحذيرهم من عذاب شديد ينزل بهم من عند الله تعالى إن لم يؤمنوا بوحدانيته ويتبعوا رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم -، وتبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات بما أعده الله تعالى لهم من أجر حسن في الآخرة، وديمومة لهذا الأجر العظيم.
ثم تعود الآيات الكريمة لتذكر نوعاً خاصاً ممن عمهم الإنذار السابق من " مستحقي البأس الشديد إيذاناً بفظاعة، وشناعة كفرهم بالله " في تقولهم عليه تعالى بما ليس لهم ولا لآبائهم علم به في افترائهم على أن لله ولداً سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً.
وهنا يوجه الخطاب لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (٦). تفريعاً على ما سبق من إنزال الكتاب إليه، وجعله منذراً، ومبشراً به، وهذه مهمة أداء لا مهمة إرهاق وأحزان، وتوجيهاً له - صلى الله عليه وسلم - إلى أن هولاء الكفار عطلوا عقولهم بكفرهم، وحجبوها عن أن تعرف خالقها حقه من وجوب الإيمان به والإتباع لرسوله - صلى الله عليه وسلم - يستحقون أن يؤبه بهم، ولا أن يحزن عليهم ويؤسف.
* * *
[(التلطف والإشفاق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في توجيه الخطاب إليه)]
لذلك خوطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بـ " لعل " لما فيها من الإشفاق على المخاطب، والتلطف به للعود به إلى ما ينبغي له من الوقوف عنده في التبليغ، وجاء الخبر بعدها " باخع نفسك " لبيان ما وصل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جهد في تبليغ قومه، وحرصه على هدايتهم، لأن بخع النفس معناه