فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) وفي قوله تعالى:(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) إذ لو لم يحذر - صلى الله عليه وسلم - من التحريم على نفسه مما أحله الله له لكان قد أتانا به.
والمتابعة -في القدوة- قائمة دائمة خالدة مع دوام الرسالة وخلود شرائعها وأحكامها، فلا ينبغي لمن رفع الله شأنه فوق جميع خلقه، وجعله القدوة الحسنة لأمته أن يمنع نفسه مما أحله الله له تطلباً وابتغاء لمرضاة أزواجه، لأن ذلك مما يشق على أمته في مستقبل حياتها.
وختمت هذه الآية الكريمة -موضع البحث- بقوله تعالى:(وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تلطفاً به - صلى الله عليه وسلم -، وإشعاراً له بعلو مقامه، وأنه لا ينبغي له وقد حباه الله تعالى بفضله، ورفعه مكاناً علياً على سائر خلقه أن يكون في مستوى دون مستوى مقامه الرفيع في ترضية أزواجه.
والغفران والرحمة من باب التبشير له - صلى الله عليه وسلم - بكمال الطهر والنقاء على حد قوله تعالى (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ)، لم يقع منه - صلى الله عليه وسلم - ذنب يقتضي الغفران وإنما الذي وقع منه - صلى الله عليه وسلم - تنازل منه عن بعض فضله، ورفعة شأنه ترضية لزوجاته وإحساناً لهن ورحمة بهن.
* * *
[(موئل العتاب من هذه الآية)]
وبناء على ما تقدم وعلى ترجيح أن الذي حرمه النبي - صلى الله عليه وسلم - على نفسه هو سريته مارية القبطة أم ولده إبراهيم يكون العتاب على ما كان منه - صلى الله عليه وسلم - من تقديمه رضا أزواجه على ما يختص براحته النفسية ومتعته الجسدية