لم يذكر تخيير جبريل لأصحابه واكتفى بمشاورتهم تأنيْساً لهم بما يشمل جانبي التخيير لأن المشاورة لا تخرج عنهما، إذ هي لا تنتهى إلا بأحدهما القتل أو الفداء.
ْوإما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدأهم بالمشاورة فلما اختلفوا فيما يفعلون بالأسرى دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منزله فجاءه جبريل بالأمر بالتخيير.
* * *
[(لا عتاب على الفداء ولا على أخذ الغنيمة)]
ومما قدمنا يظهر أن أخذ الفداء لا عتاب عليه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدليل أحاديث تخيير جبريل في أمر الأسرى، إذ لو كان أخذ الفداء موضع مؤاخذة ما جاء جبريل بالتخيير بينه وبين القتل، لأنه لا يخيّر بين جائز مطلق وبين مؤاخذ عليه، ولما صح التفريع على الآيتين بالأمر بالأكل مما غنموه حلالاً طيباً بقوله (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا) لأن الفداء ليس من الغنيمة، إذ الغنيمة هى ما يؤخذ من المحاربين بالقوة والقهر فالذي أخذوه في قوله (لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨)).
هو الغنائم التي شغلوا بجمعها عن الإثخان في القتل الذي كان الأولى والأجدر بهم أن يفعلوه.
والذي أحل الله لهم وأمروا بالأكل منه حلالاً طيباً هو الغنيمة بدليل قوله تعالى (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا) فلا ذكر للفداء في المؤاخذة في الآية الكريمة حتى يجعل محلاً للعتاب، ويؤيد هذا ما رواه البخاري من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في أسارى بدر: " لو كان المطعم بن عدي حياً وكلمني