وكما يدل عليه ما أورده السيوطي في الدر من إخراج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة عن أبي عبيدة - رضي الله عنه - قال:" نزل جبريل - عليه السلام - على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر فقال: إن ربك يخيرك إن شئت تقتل هؤلاء الأسارى وإن شئت أن تفادي بهم ويقتل من أصحابك مثلهم. فاستشار أصحابه فقالوا: ْنفاديهم فنتقوى بهم ويكرم الله بالشهادة من يشاء ".
ومن هذا يظهر جلياً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يختر أخذ الفداء ولا حبَّذه.
" وأن حديث مسلم لم يتعرض قط لتخيير جبريل، وإنما ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بدأ بمشاورة أصحابه في شأن الأسرى.
وأحاديث جبريل -في التخيير في أسرى بدر- جعلت المشاورة بعد الإخبار بالتخيير، ولم يذكر فيها مشاورة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه التي ذكرها حديث مسلم وجاء فيها أنه - صلى الله عليه وسلم - هوى ما قال أبو بكر ولم يهو ما قاله عمر.
وكذلك ليس في أحاديث التخيير في قتل الأسرى إشارة قط إلى بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه وتعليل ذلك بعرض العذاب للذين أخذوا الفداء.
وهذا الاختلاف بين حديث مسلم في مشاورة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه في أمر أسرى بدر وبين أحاديث جبريل في أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتخيير أصحابه في هؤلاء الأسرى يجعل المرء بين واحد من ثلاثة احتمالات: فإما أن يحتمل حديث مسلم اختصار ما جاء من التخيير في أحاديت جبريل -عند من ذكرنا- اكتفاء بالمشاورة، وإما أن النبي - صلى الله عليه وسلم -