أنبيائه وبياناً لأنه لم يكن - صلى الله عليه وسلم - متوجه القصد إلى أن يكون له أسرى قبل الإثخان في العدو، وإكثار القتل والجراح فيه.
* * *
[(توجيه وجه الخطاب بالآية الكريمة)]
وعلى ذلك يكون الخطاب -في ظاهره- موجهاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع هذا التلطف الذي يبرئ ساحته عليه الصلاة والسلام مما يوجب العتاب، ويكون الخطاب في حقيقته موجهاً إلى الذين أسرعوا في إنهاء المعركة وأخذ الغنائم والأسرى بمجرد ظهرر طلائع النصر، ولم يصبروا حتى يكثروا القتل والجراح في العدو كسراً لشوكته وتوهيناً لقوته ولا سيما أن هذه هي المعركة الأولى في الإسلام وقد نصر الله تعالى فيها نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مع قلة عددهم وضعف عدتهم في مقابل كثرة عدد العدو وقوة عدته.
وقد امتن الله تعالى عليهم بهذا النصر بقوله تعالى (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ).
* * *
[(تنزيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إرادة شيء من الدنيا)]
وقد نزه الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - عن إرادة شيء من الدنيا بنقل توجيه الخطاب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية الكريمة إلى أصحابه في قوله (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) وهذا يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدر بخلده أن ينهي المعركة قبل الإثخان في العدو ليأخذ الأسرى ويغنم أصحابه المغانم ويؤكده ما رواه ابن إسحاق في سيرته قال:" ولما وضع القوم أيديهم يأسرون رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس فقال له: " كأني بك يا سعد تكره ما يصنع القوم؟ " قال: أجل والله يا رسول الله كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك