له فيقولون: أصلح الله الأمير كان كذا وكذا، فعلى هذا صيغته صيغة الخبر ومعناه الدعاء ".
* * *
[(إجراء الخطاب على وجهه خير من تأويله)]
والذي يظهر من أسلوب هذه الآية الكريمة أن ذكر العفو في افتتاحها وإن لم يكن عن تقدم ذنب إلا أنه يحتمل أنه كان عن خطأ في الاجتهاد فات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبذل فيه جهده وهو الإسراع لهم بالإذن بالقعود والتخلف وجعل اجتهاده في خروجهم معه وما يتسبب عليه من إفساد وبلبلة وفتنة وتثبيط للجيش بإشاعات كاذبة ماكرة.
فقوله تعالى:(عَفَا اللهُ عَنْكَ) معقباً بالاستفهام الإنكاري يبعده عن إرادة الدعاء به ومجرد التلطف لأن الاستفهام الإنكاري يقتضي منكراً والمنكر هنا إسراع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإذن لهم -وهو لازم للإذن مدخول أداة الإنكار- دون أن يتلبث بهم ليتبين له ولأصحابه المؤمنين حقيقة حال المستأذنين من الصدق أو الكذب.
وما ذكروه من أمثلة جرت على لسان بعض الأدباء واللغويين ليس فيه شيء من قبيل الآية لأنَّهم لم يذكروا مثالاً عقب باستفهام إنكاري.
* * *
[(موضع العتاب في هذه الآية)]
فالآية عتاب متلطف برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ سبق بالأخبار بالعفو، وهذا يكفى في بيان ما فيها من التلطف والحفاوة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويجعلها من قبيل عتاب التنبيه، إذ لم تعقب بشىء يحذر في المستقبل، أو يخاف وقوعه.