ثم عقب هذه الآية (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ. . .) الآية بما هو كالبيان لها فقال (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦)). أي أنك في حرصك الشديد على إيمانهم لا تستطيع منعهم عن هذا الإعراض الذي أحزنك ولا أن تحصل على آية تجذبهم إلى الإيمان بدعوتك لأن الاستجابة لا تكون إلا ممن يسمعون ما يلقى عليهم سماع تدبر وانتفاع وهؤلاء المعرضون عن الإيمان بما جئتهم به وإن كانوا في ظاهر الحال في صور الأحياء إلا أنهم بمنزلة الموتى " فآيس من هؤلاء أن يستجيبوا لك ".
وقد سبق أن أشرنا إلى وجه العتاب في هذه الآية، وبينا أنها من عتاب التحذير باعتبار أن فيها شيئاً من شدة الأسلوب وصرامته وإن كانت فيما عوتب عليه النبي من من شدة حرصه على إيمانهم أقرب إلى عتاب التوجيه منها إلا عتاب التحذير.
* * *
[(الرد على المستهينين بالفقراء من المؤمنين)]
ومما يدخل في هذا النوع من العتاب أيضاً قوله تعالى في سورة الأنعام (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢)).