وقد جاءت هذه الآية الكريمة في سياق بيّن الله تعالى فيه مهمة الرسل، وأنها تبشير عباد الله المؤمنين بالخير، وإنذار الكافرين بالله النقمات والعقوبات الدنيوية والأخروية، وأن الناس أمام مهمة الرسل إما مؤمن موعود بالأمن والأجر العظيم، وإما مكذبون بآيات الله ينالهم العذاب الشديد بكفرهم بالله وما جاءتهم به الرسل من الله تعالى، وفسوقهم عن أوامر الله وخروجهم عن طاعته وارتكاب محارمه.
وبعد أن بيّن الله تعالى أن مقترحاهم المتعنتة إنما كانت على سبيل العناد والصلف والاستهزاء والمكابرة، بيّن لرسوله - صلى الله عليه وسلم - مهمته إزاء هذه الآيات، وأنه لا يستطيعها ولا يملكها، شأنه في ذلك شأن إخوانه الرسل من قبله، ومثل لذلك بثلاثة أمور نفاها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخبر بها هؤلاء الجاحدين وهى:
أولاً - أن خزائن الله تعالى التي يطلبون الثراء منها ليست عنده ولا في ملكه ولا في استطاعته.
ِثانياً - أنه نفى علم الغيب عنه فهو لا يعلم منه إلا ما أطلعه الله عليه.
ثالثاً - أنه لا يقول لهم إنه ليس بشراً، ولا يدعي الملكية فيقدر على ما لا يقدر عليه البشر، وإنما شرفه الله بالوحي إليه وأنعم به عليه فهو متبع لما أوحي إليه ولا يخرج عنه.
ثم بيّن أنَّهم إن اتبعوا هدايته كانوا مبصرين للحق، وإن تولوا وأعرضوا كانوا عمياً عن الحق وهدايته، ووبخهم على عدم تفكرهم ونظرهم فيما جاءهم به من الآيات فقال (أَفلَا تَتفَكَّرُونَ).