عزيزاً أعزه الله به وأعز به دينه وأعز به أصحابه المؤمنين فكان ذلك أعظم نعمة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ بعد فتح مكة -المبشر به- صارت الدعوة الإسلامية ظاهرة غالبة "، وأقبلت وفود العرب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كل وجه يدخلون في دين الله أفواجاً، فزال عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان يضيق به صدره ويضجره من صد وصدود المشركين من دعوته وتحقق له النصر المؤزر والظفر القاهر لأعدائه، وفتح أمام دعوته الطريق فانتشرت في العالم وخفق لواؤها على ربوع المعمور من الأرض.
وبهذا تمت نعمة الله على رسوله وعباده المؤمنين، وتتابع النصر في الجهاد وتبليغ الرسالة، فكان نصراً عزيزاً قوياً غالباً ثم يتحقق مثله لدعوة من دعوات الأنبياء والمرسلين.
* * *
[تهنئة وتطلع]
وقد فهم الصحابة - رضي الله عنهم - من هذه البشرى قدر ما أنعم الله به على رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهنّأَوه على هذا الفتح المبين والتطهير العظيم، وإتمام النعمة وتحقق النصر فقالوا له - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه البخاري: " هنيئاً مريئاً فما لنا؟ " فأنزل الله تعالى:(لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزًا عَظِيمًا (٥)).