بينا -فيما سبق- أن العتاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آيات القرآن -التي غلب على ظني أنها موضع عتاب له عليه الصلاة والسلام- لا يخرج عن ثلاثة أنواع رئيسية، وقد بينت حقيقة هذه الأنواع والمقصود منها.
وآتي الآن إلى تفصيلها، وعرض الآيات التي تمثل كل نوع منها كل على حدة آملاً من الله تعالى التوفيق والهداية إلى ما فيه السداد وحسن الأدب في بيان المراد.
[النوع الأول]
من أنواع عتاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو ما سميناه (عتاب التوجيه) -كما سبق أن أوضحنا ذلك- وهو يشمل حالين من أحوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دعوته إلى الله.
* * *
[الحال الأول من عتاب التوجيه]
الحال الأول: حينما فجأه الوحي بالرسالة والأمر بتبليغها إلى الخلق في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)). وهي أول آية نزلت بالإنذار العام، وقد وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه وحيداً في هذا الشأن، وليس معه أحد على مثل ما طلب منه فاستعظم على نفسه إخراج الناس مما هم فيه من كفر وضلال إلى الهدى والنور، فضاق صدره الشريف الطاهر ذرعاً، وتهيب أن يواجه الناس بالتبليغ خشية أن يكذبوه، ويردوا عليه رسالته، فصمت، ولم يسارع إلى أمر الله بالإنذار، فإن ما كلف به من