وإن ذكره في ضمن العموم المعلل بنفي الحرج عن المؤمنين في أزواج أدعيائهم يحمل في طياته أن زيداً - رضي الله عنه - كان سبباً في هذا التشريع العام الذي رفع عن الأمة الحرج والضيق فيما كانت الأمة تكرهه وتضيق به ذرعاً.
ولما قضى الله تعالى في غيبه زواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزينب بنت جحش بعد قضاء زيد منها وطراً أعلمه الله تعالى بذلك كما هو صريح في الآية (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا) فأسرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تنفيذ أمر ربه معلناً له غير مبال بتقول المتقولين وأباطيل الكاذبين فدخل عليها زوجاً بتزويج الله له إياها.
* * *
[(رد الله تعالى عن رسوله - صلى الله عليه وسلم -)]
وعندئذ اشرأب النفاق والخبث اليهودي والضغن الوثني فقالوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قالة السوء ما أوحت به إليهم شياطينهم من كونه - صلى الله عليه وسلم - تزوج زوجة ابنه وكان يحرمها، فضاق بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -ذرعاً وحزن لإشاعة هذه الأباطيل، فتولى الله تعالى الرد على أعدائه أكاذيبهم ومزاعمهم الباطلة فقال تعالى (مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (٣٨) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبًا (٣٩)).
وهذا كالبيان لقوله تعالى -في أول السورة- (ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) لأن قوله تعالي (مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ لَهُ) صريح في نفي الحرج عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إتيانه ما شرع الله له وأجازه له من تزويجه بزوجة دعيه الذي ليس له من صلة البنوة