[(تقديم منطوق حديث ابن عباس على منطوق حديث ابن عمر)]
على أن هذا الحديث وهو من رواية ابن عمر - رضي الله عنهما - يعارضه بعض المعارضة حديث من رواية ابن عباس عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في نفس الموضوع أورده البخاري في صحيحه عقيب حديث ابن عمر هذا من غير فاصل بينهما، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" لو أعلم أني إن زدت على السبعين، يغفر له لزدت عليها ".
وهذا دليل قاطع على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحمل العدد على التحديد بخلاف ما جاء في حديث ابن عمر، ويؤكد هذا أن حديث ابن عباس رواه عن عمر وهو الذي وقف أمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحاوره في الصلاة على ابن أبي والاستغفار له، فلو كانت الآية للتخيير - والعدد للتحديد ما وقف عمر هذا الموقف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعمر من أساطين العربية الذين يحتج بقولهم فيها وفِي فهم أساليبها.
ونبه الآلوسي -ككثير من العلماء- في روح المعاني على هذا التعارض بين الروايات فقال:" والأخبار فيما كان منه عليه الصلاة والسلام مع ابن أبي من الصلاة عليه وغيرها لا تخلو عن التعارض ".
وقد فسر الطبري -وهو شيخ المفسرين وإمامهم- الآية على عدم التخيير، وأن المقصود بها الإخبار بعدم المغفرة فقال: " يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: ادع الله لهؤلاء المنافقين الذين وصف صفاتهم في هذه الآيات بالمغفرة أو لا تدع لهم بها، وهذا كلام خرج مخرج الأمر، وتأويله الخبر، ومعناه: إن استغفرت لهم يا محمد أو لم تستغفر لهم، فلن يغفر الله لهم. وقوله (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) يقول إن تسأل لهم