عمر:" وقد نهاك الله عن الصلاة على المنافقين " بأنه يعني بالصلاة الاستغفار، وإذا سلمنا نزول صدر آية من سياق طويل كآية براءة في سنة، ونزول باقيها في سنة أخرى على بعده، فماذا نقول في آية سورة المنافقين، وقد نزلت قبل آية براءة بأربع سنين في غزوة بني المصطلق وكانت سنة خمس من الهجرة، وهى أصرح في التسرية بين الاستغفار وعدمه؟.
الحق أن هذا الحديث معارض للآيتين فالذين يعنون بأصول الدين ودلائله القطعية أكثر من الروايات والدلائل الظنية لم يجدوا ما يجيبون به عن هذا التعارض إلا الحكم بعدم صحة الحديث ولو من جهة متنه، وفي مقدمتهم أكبر أساطين النظار كالقاضي أبي بكر الباقلاني وإمام الحرمين والغزالي، ووافقهم على ذلك الداودي من شراح البخاري. وأما الذين يعنون بالأسانيد أكثر من عنايتهم بالمتون، والفروع أكثر من الأصول فقد تكلفوا ما بينا خلاصته عن أحفظ حفاظهم. ومن الأصول المتفق عليها أنه ما كل ما صح سنده يكون متنه صحيحاً، وما كل ما لم يصح سنده يكون متنه غير صحيح، وإنما يعول على صحة السند إذا لم يعارض المتن ما هو قطعي في الواقع أو في النصوص، وإن القرآن مقدم على الأحاديث عند التعارض وعدم إمكان الجمع، فمن اطمئن قلبه لما ذكررا من الجمع أو لوجه آخر ظهر له فهو خير له من رد الحديث ومن لم يظهر له ذلك فلا مندوحة له عن الجزم بترجيح القرآن، والتماس عذر لرواة الحديث بنحو مما ذكرناه في تعارض أحاديث الدجال ". أ. هـ