اختار الله سيدنا محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسولاً إلى خلقه ختم به الرسالات الإلهية، وكلفه تبليغ شرعه إلى عباده، وعهد إليه بتبيين ما نزل إلى الناس من ربهم فهو - صلى الله عليه وسلم - المبلغ عن الله تعالى وإليه -في حياته المباركة- يتوجه المسلمون طالبين معرفة حكم ما ينوبهم من أمر سواء كان أمراً يتعلق بالعبادات وكيفياتها، أم كان مما يعرض لهم في حياتهم اليومية من مسالك ينظمون بها مصالحهم، وتعاملهم، فيما بينهم وبين غيرهم، أم فيما يحتكمون إليه - صلى الله عليه وسلم - فيما قد ينشأ بين بعضهم من منازعات، فهو - صلى الله عليه وسلم - المرجع لهم في الأمر كله بعد الله تعالى، وعنه تؤخذ جميع الأحكام والشرائع، إذ هو وحده مصدر العلم بأحكام الله تعالى ومقاصد الشريعة ومصالح العباد.
وكانت الوقائع والحوادث بين الناس تتوالى، وكانت الأحكام تنزل على حسب الحاجة، والمصالح والحكمة الإلهية، فهل كانت الأحكام التي تنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطريق الوحي رداً علي سؤال سئله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو تأسيساً لحكم من أحكام الشريعة سادة للحاجة الوقتية التي يتطلبها جو الوقائع؟ أو كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرى أن يجيب سائلاً عن سؤاله أو يخير بحكم اجتهاداً منه - صلى الله عليه وسلم -؟
من هنا يبرز سؤال هو: هل كان يجوز للرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي يتلقى الوحي من الله تعالى - أن يجتهد فيما لم ينزل عليه به وحي أو ليس له ذلك؟.
اختلف العلماء في جواب هذا السؤال اختلافاً منتشراً. .