[(وصفهم بسوء ما بيتوا للتحذير من الاغترار بمثل ما تجمعوا عليه)]
فكشف الله خيانتهم، ووصمهم بسوء ما بيتوا فقال (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (١٠٨)).
وقوله تعالى -في خطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ولا تجادل) نهي للتحذير وليس عن أمر واقع لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يجادل عن خائن، ويعصمه الله تعالى عن أن يدلسوا عليه الحقيقة.
والتحذير إنما كان لما احتف بالحادثة من تجمع المنافقين المتظاهرين بالصلاح في الإسلام وشهادتهم ببراءة صاحبهم والطعن على من ألقيت عليه الدِّرْع وهو زيد بن السمين اليهودي أو غيره ممن ذكرت الروايات، وقصدهم خدع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإكثارهم الطعن على من ألقيت عليه الدرع ولا سيما إذا كان هو اليهودي، ولذلك جاء الخطاب لهؤلاء المنافقين تبكيتاً لهم وتقريعاً على ما فعلوه من الخيانة وشهادة الزور والطعن على البراء فقال تعالى:(هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (١٠٩)).
وهو خطاب يدل على وقوع الجدل الكاذب الخؤون من هؤلاء المنافقين المتجمعين الذين كانوا ألحن بحجتهم من خصومهم البرآء، والله يعلم أنه جدل زائف باطل نبه رسوله - صلى الله عليه وسلم - على بطلانه وزيفه فلم ينخدع به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ترتيب شيء عليه من القضاء أو الحكم.