وقد علق أبو حيان - رحمه الله تعالى - في البحر على هذا المسلك من التفكير والتعبير فقال:" وكلام الزمخشري في تفسر قوله (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) مما يجب إطراحه فضلاً عن أن يذكر فيرد عليه ".
قال الآلوسي:" وكم لهذه السقطة في الكشاف من نظائر ".
* * *
(تلطف في التعبير لا عتاباً له)
ومن العلماء من لم ير في هذه الآية عتاباً، وإنما هي -عندهم- من باب التلطف في الكلام، والدعاء للمخاطب الجاري على الأسلوب العربي في مخاطبة الكرام، ومراسلة الأحباء والأصدقاء على نحو قولهم:" عفا الله عنك هلا أعطيتني كذا، وأصلحك الله، ووفقك الله كان الأمر كذا وكذا. . " فابن الأنباري يقول: " لم يخاطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك لجرم أجرمه، ولكن الله وقره ورفع من شأنه حين افتتح الكلام بقوله: " عفا الله عنك " كما يقول الرجل لمخاطبه إذا كان كريماً: " عفا الله عنك ما صنعت في حاجتي؟ ورضي الله عنك هلا زرتني؟ ".
وممن قال بذلك أيضاً القاضي عياض في الشفا، والقسطلاني في المواهب ونقلا فيهما عن الداودي، ومكي والقشيري ونفطويه، ونسبه القرطبي إلى مكي والمهدوي والنحاس، ونقله الزرقاني عن