للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا بدر منه قول ناسياً الاستثناء فيه فليذكر ربه ليتذكر ما فاته من ذكر المشيئة تداركاً لنسيانه إياها امتثالاً لما أمره ربه به في ذلك.

وختمت الآية الثانية بإرشاده - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يرجو ربه أن يمنحه من الآيات البينات والدلائل الواضحات الدالة على صحة نبوته عليه الصلاة والسلام، وصدقه فيها ما عساه أن يكون أظهر مما سألوه عنه وأكثر خيراً ومنفعة فقال (وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا).

والظاهر من قوله - صلى الله عليه وسلم - " أخبركم غداً " أنه وكل الأمر إلى الوحي فأعطى لنفسه فرصة الانتظار إلى الغد اعتماداً على ما في قلبه الطاهر من اطمئنان بالجواب منه تعالى، وليس استقلالاً منه بالتفكير والإخبار، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل هذه الأمور، ولعل العتاب حينئذ كان من أجل التقييد بالغد.

ويظهر مما قلناه أن الآيتين فيهما تلطف في عتاب سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تركه الاستثناء في قوله " أخبركم غداً ".

ولا شك أن في هذا العتاب من لطف الإرشاد والتعليم لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يجعله مثلاً في الأسوة به لاقتداء أمته - صلى الله عليه وسلم - به في ربط قولها وفعلها بمشيئة الله تعالى.

* * *

(وجه كون الخطاب بهذه الآية عتاباً)

وأما وجه كون هذا العتاب من سبيل عتاب التنبيه فلأنه إرشاد لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقترن بشيء من شدة الخطاب أو التحذير مما يخشى وقوعه لو لم ينبه وهو توجيه لأمته - صلى الله عليه وسلم - أن ترتبط في قولها وفعلها بمشيئة الله وأن تنهج من بعده - صلى الله عليه وسلم - هذا النهج الذي يجعلها خير أمة أخرجت للناس.

<<  <   >  >>