ْأما العصمة في الاصطلاح، فقد ذكر العلماء فيها كلاما كثيراً يشعر بعضه بتعريفها، ويشعر بعضه بثمرتها ومواطنها، بيد أن المتقدمين منهم لم يتعرضوا لتعريفها تعريفاً اصطلاحياً ولكنهم ذكروا كلاماً في ثبوتها، وثمرتها ومواطنها، حيث كانوا يعنون بثمرات المسائل، ولا يعولون على التفاصيل التي لا تفيد إلا ذوي العمق من أهل الاختصاص، وإن كان البعض من متأخري المتقدمين يعرفون الشيء بتقسيمه، أو بطريق السبر والاستقراء.
* * *
[نشأة التعريف الاصطلاحي]
وبعد أن كان التلاقي بين الفكر الإسلامي، والفكر غير الإسلامي وظهور علماء الكلام من المسلمين، عرفوا العصمة تعريفاً اصطلاحياً -وشاركوا من قبلهم في ذكر ثمرتها ومواطنها- في عبارات تختلف فِي الأداء، إلا أنهم متفقون جميعاً في قصد الوصول إلى تحديد معناها، ومحاولة الوقوف على المراد منها.
ونبدأ بأقوال من عرفها تعريفاً اصطلاحياً، وسنحاول أن نجمع بين المتوافقات سلباً وإيجاباً حتى يتم تصورها، والحكم عليها تحقيقاً للقول المشهور بين العلماء:" الحكم على الشيء فرع تصوره ".