[(وجه تقديم نفي الحرج عن المؤمنين على نفيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم)]
ونفى الله الحرج عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله تعالى:(مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ لَهُ) وإن كان متأخراً في ترتيب التلاوة عن رفع الحرج عن المؤمنين بقوله تعالى: (لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولًا) إلا أنه -أي رفع الحرج عن النبي - صلى الله عليه وسلم - -كالمتقدم في الواقع على نفي الحرج عن المؤمنين لأن زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بمطلقة دعيه كان السابق على كل زواج بمطلقة دعي فكان التطبيق العملي لرفع الحرج عن المؤمنين في التزوج بزوجات الأدعياء.
ونفى الحرج عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفي للحرج عن أمته ما لم يدل دليل على الاختصاص، ولا دليل هنا على ذلك.
وإنما سبق نفي الحرج عن المؤمنين -في ترتيب التلاوة- نفي الحرج عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما في نفى الحرج عن المؤمنين من الإشعار بعموم الحكم الشامل لأفراد الأمة في جميع أزمانها وأجيالها.
* * *
[(رفع الحرج عن المجتمع المؤمن بإبطال عادة التبني)]
وفي التعبير بالحرج في قوله (لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا) دليل على أن المجتمع المؤمن قد ضاق ذرعاً بهذه العادة الجاهلية وحرج من بقائها تُلْقى عليه جرانها وما يستتبعها من دخول الدعي على زوجة متبنيه وعلى بناته من كشف الحرمات بدخوله عليهن واختلاطه من اختلاط الابن والأخ فيرى منهن ما لا يراه غيره من العورات والمفاتن والمحاسن مما قد يكون سبباً لأفدح الأضرار وإذهاب الغيرة وفتح باب الفساد والإفساد في المجتمع.