ومما يؤيد ضيق المجتمع من ذلك أن أبا حذيفة - رضي الله عنه - كان قد تبنى سالماً ولكنه ضاق نفساً من دخوله على أهله لما كبر سالم وبلغ مبلغ الرجال فلما أحست زوجته سهلة بنت سهيل رضى الله عنها منه ذلك جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه الإمام مسلم عن عائشة رضي الله عنها - فقالت:" يا رسول الله والله إني لأرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم " قالت عائشة: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أرضعيه " فقالت: " إنه ذو لحية ". فقال:" أرضعيه يذهب ما في وجه أبي حذيفة " فقالت: " والله ما عرفته في وجه أبي حذيفة " وإرضاع الكبير كان خاصاً لسالم وليس لأحد من بعده ".
وقوله تعالى:(فِيمَا فَرَضَ اللهُ لَهُ) معناه: فيما شرع الله له و " أحله له " كما قال قتادة في رواية الطبري عنه.
وهذا الحل يشير إلى أنه كان قبله حظر ومنع. والحظر الذي كان هنا لم يكن حظراً شرعياً بل هو ما كان عليه أهل الجاهلية من تحريم لزوجة الدعي بزعمه ابناً عندهم.
فالله تعالى قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم - هذا الحظر من الأباطيل التي لم تشرع في دينك ورسالتك والله تعالى شرع لك فيها ما أحله لك ولأمتك من التزوج بزوجة الدعي بعد فراقه إياها وانتهاء عدتها منه.