وليس بدعاً أن يخاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومه، وإعراضهم عن دعوة الحق التي بعثه الله بما، وفيهم من المكر والخديعة ما وصفهم الله تعالى به بقوله (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) وقد كان من الرسل من أولى العزم قبله من كان يخاف تكذيب قومه لشدة ما كان يتوقعه منهم من تكذيب وأذى، كما حكى الله تعالى ذلك عن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى:(قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ).
* * *
[(الغرض من النهي عن الحرج من الإنذار بالقرآن)]
فالنهي عن الحرج في آية الأعراف هذه بيان لما يجب أن يكون عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المسارعة في تبليغ ما أنزل الله إليه مهما بلغ ما فيه من تنفير الكافرين وتباعدهم عنه، وما فيه من شدة عليهم لما اشتمل عليه من تسفيه أحلامهم الضالة عن هدى الله تعالى، وعيب آلهتهم وانتقاص آبائهم بما ارتكبوه من جريمة الشرك والإعراض عن توحيد الله.
كما أن النهي هنا يتضمن أمراً برفع الحرج من الصدر لأنه إذا لم يحرج صدره منهم استطاع تبليغهم ما أراده الله منه.
وتهيُّبه - صلى الله عليه وسلم - منهم مخالف لهذا الإيجاب، فلذلك نهاه الله تعالى نهياً متضمناً لسرعة الإقدام على التبليغ، والتذرُّع بالصبر والاحتمال لما يلقى من شدة الكافرين.