هذا جرْيٌ على تعلق قوله تعالى (لِتُنْذِرَ بِهِ) بالفعل المنهي عنه في قوله (فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ).
وجملة المعنى على هذا هو أن الله تعالى ينهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضيق صدره بالقرآن ليتحقق ما أنزل من أجله وهو الإنذار للمعاندين - الجاحدين والذكرى للمؤمنين الذي يستتبع بصد الكافرين وصدودهم عَنه تننفيرهم وابتعادهم عنه وترغيب المؤمنين وتذكيرهم بنعم الله عليهم ليستديموا موجبات الإيمان والشكر والثبات على الحق.
وفيه وجه آخر: وهو تعليق قوله (لِتُنْذِرَ بِهِ) بقوله (أُنْزِلَ إِلَيْكَ) وجاءت جملة النهي (فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) متوسطة بين السبب وهو " الإنذار " به والمسبب وهو " المنزل إليه " تقريراً لما قبله (وهو الإنزال إليه المقتضى عدم ضيق صدره منه)، وتمهيداً لما بعده وهو (لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ).
وجملة المعنى على هذا الوجه هو أن الله تعالى يخبر رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأنه أنزل إليه الكتاب لينذر به، وهذا مقتض للإلزام بالإنذار به فكأنه قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كتاب أنزل إليك لتنذر به فأنت بمقتضى رسالتك المعنونة بإنزال الكتاب إليك ملزم بالإنذار به مهما بلغت آياته من الشدة في تنفير الكافرين عنك.