فكان الإثخان في القتل أحب إليَّ من استبقاء الرجال ".
وهذا يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على سعد بن معاذ ما رأى في وجهه من كراهية ما يصنع القوم فاستفسره عن ذلك فقال له: " كأني بك يا سعد تكره ما يصنع القوم؟ " فقال سعد: أجل يا رسول الله، وعلل سعد ذلك بأن هذه أول وقعة في الإسلام نصر الله فيها المسلمين على أعدائهم من المشركين فكان الإثخان في القتل أحب إليه من استبقاء الرجال.
* * *
[(موضع العتاب من الآية)]
وفيه دلالة على أن المعاتب عليه عدم الإثخان في القتل والإسراع إلى الغنيمة لا أخذ الفداء لأن سعداً أبان عن رأيه قبل الاستشارة في أخذ الفداء.
وقد جاء في الروايات الأخرى أن العذاب لو نزل ما نجا منه غير سعد وعمر رضى الله عنهما.
* * *
[(المعاتبون بالآية)]
وهذا كالصريح في أن أخذ الفداء من الأسرى لا عتاب عليه، وقد بيّن الله تعالى هذا بقوله (لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) فإنه تعالى لعظيم فضله وبالغ رحمه منع عذابه العظيم عن المؤمنين المجاهدين يوم بدر الذي استحقوه بما مالت إليه أنفسهم من الإسراع في جمع الغنائم والاشتغال بها وترك الإثخان في القتل وحس المشركين حين ظهروا عليهم في أول وقعة تلتقي فيها الفئة المؤمنة من صفوة أصحاب