رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قلة في العدد وضعف في العدة بجحافل الشرك ورءوس الطغيان الذين يفوقونهم أضعافاً عدداً وعدة.
وهذه الآية الكريمة (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) -كما هو ظاهر منها- لا تمنع الأسر وأخذ الفداء نهائياً ولكنها تقرر أنهما لا يكونان إلا بعد الإثخان في الأرض بظهور المسلمين على أعدائهم، وهى لا تتنافى مع آية سورة محمد -كما يقول الفخر الرازي- لأنه لا زيادة في حكم آية سورة محمد (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) - على حكم هذه الآية لأن كلتا الآيتين متوافقتان " فإن كلتيهما تدلان على أنه لابد من تقديم الإثخان ثم بعد أخذ الفداء فلا نسخ إذن كما يزعم بعضهم.
ولكن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - حين اشتغلوا بجمع الغنائم قدموا عرض الدنيا على الآخرة فخالفوا ما أراده الله تعالى لهم من عظيم الظهور وقوة الشوكة وشدة الرهبة في قلوب أعدائهم فيما لو سددوا إليهم الضربة القاصمة استئصالاً لشأفة الكفر والكافرين، إرهاباً لقلوب أعداء الله ورسوله وإظهاراً لقوة المؤمنين وتمكنهم من القضاء على أعدائهم في أول لقاء لهم معهم.