تردد ذكر الكبائر والصغائر فيما سبق من بحثنا هذا، وإتماماً لما قدمنا نرى البحث يدعونا -قبل الكلام على عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الذنوب صغائرها وكبائرها- إلى توضيح المراد من الكبائر والصغائر.
* * *
[مسالك التكليف]
أقام الله تعالى تكليف العباد على الأمر والنهي، فأمرهم بطاعته ونهاهم عن مخالفة أمره، فطاعتهم إياه لازمة لهم بأمره إياهم بالطاعة ونهيهم عن المعصية. فدواعي الإلزام بالطاعة لله تعالى تقتضي أن يكون العبد بين الرجاء لثواب الله تعالى، والخوف من عقابه.
وشدة عقابه تجعل الإقدام على المعصية أمراً مستفظعاً عند ذوي النُّهى.
ومن ثم اختلف العلماء في تقسيم الذنوب والمخالفات إلى صغائر وكبائر.
* * *
[وجه القول بأن جميع الذنوب كبائر]
فذهب بعض العلماء من السلف والخلف إلى أنه لا صغيرة في الذنوب، فكل الذنوب عند هؤلاء كبائر، ولكن كبيرة دون كبيرة لتفاوت المخالفات في ذاتها، وفي آثارها فيقال لبعضها صغيرة بالإضافة إلى ما هو أكبر منها، كما يقال: القُبلة المحرمة صغيرة بإضافتها إلى الزنى وكلها كبائر ".