في اللغة قتلها وإهلاكها غماً أو إضعافها فهو لشدة حرصه على إيمانهم، وإشفاقه عليهم، وصل إلى حال من يقتل نفسه وجداً عليهم أو يضعفها بما يبذل من جهد فوق طاقته طلباً أن يتحقق له ما يريد من هدايتهم ودخولهم في حظيرة الإيمان.
وفي التعبير -في الآية الكريمة- بقوله " على آثارهم " مزيد بيان لملاحقته - صلى الله عليه وسلم - لهم، وسعيه في دعوتهم، وهم عنه معرضون وإكمال للصورة التي رسمها قوله (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ).
أما قول (إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) فبيان لسبب البخع، إذ أن عدم إيمانهم بما جاءهم به هو الذي زادهم بُعداً عنه، وزاده حرصاً عليهم، وأحزنه وأثار الأسف في نفسه خوفاً عليهم انتقام الله تعالى.
* * *
[(موطن العتاب في الآية)]
وموطن العتاب في هذه الآية الكريمة في استعمال أداة الإشفاق وهي " لعل " فيما وصل إليه حال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شدة حرصه ومبالغته في دعوتهم تطلباً لإيمانهم حتى كاد يهلك نفسه أسفاً على عدم إيمانهم بالله واتباع رسوله.
وهذا الإشفاق نظير قوله -في سورة هود- (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ).