ولعل الأستاذ محمد عبده في نفيه لتفسير الآيات بهذه القصة نظر إلى إرسال أسانيدها فيما عدا رواية محمد بن سلمة الحراني وهو ثقة.
* * *
[(موضع العتاب في هذه الآية)]
وموطن العتاب في هذه الآيات في توجيه النهي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولاً: ألا يكون خصيماً للبرآء لأجل الخائنين.
وهذا الأسلوب وإن كان لم يستلزم وقوع المنهي عنه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه قد يشعر بحديث هجس في نفس الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يبين الله له جلية الأمر فيهم - أخذاً بظاهر الحال من الذين تجمعوا وشهدوا عنده - صلى الله عليه وسلم - ببراءة هذا الرجل، مع ما في أسلوب الآية من شدة في الخطاب وتصوير هذه الشدة بألفاظ تؤكد هذه الشدة مما يشعر لأول وهلة وقبل التأمل أنه قد وقع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يبرر هذا النهي بهذا الأسلوب.
وثانياً: نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن المجادلة عن الخائنين التي هي أثر من آثار ما تضمنه النهي في الجملة الأولى مع ما فيها -كالنهي الأول- من شدة في الأسلوب والألفاظ.
أما أنه من عتاب التحذير فلاشتماله -في موضعيه- على شدة الأسلوب الذي خرج مخرج التحذير مما يخشى في ظاهر الحال أثر وقوعه لو تكرر.