ما قدمنا من الأدلة النقلية هي خلاصة ما يجب الاعتماد عليه في إثبات اجتهاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأنها وقائع ثبتت بطرق صحيحة متصلة كثيرة لا يمكن العدول عنها وتركها من أجل تخرصات وتخيلات عقلية لا يسندها دليل ثابت، ومع ذلك أورد الجمهور أدلة عقلية لإثبات اجتهاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أظهرها ما يلى:
١ - أن العمل بالاجتهاد أشق من العمل بالنص، وزيادة المشقة سبب لزيادة
الثواب لقوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة في عمرتها فيما يرويه الدارقطني والحاكم:
" أن لك من الأجر على قدر نصبك ونففتك " فلو لم يكن الرسول عليه الصلاة والسلام عاملا بالاجتهاد مع عمل أمته به للزم اختصاص أمته بفضيلة ليست له - صلى الله عليه وسلم - في هذا الشأن. وهو ممنوع فكذلك القول بعدم جواز اجتهاده ممنوع.
٢ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - على علم تام بمعاني النصوص وملاحظة إلحاق ما لا نص فيه بما فيه نص لسلامة نظره وبعده عن الخطأ، والإقرار عليه، وهذا يرجح إثبات الحكم في الفرع ضرورة فلو لم يقض به لكان تاركاً لما ظنه حكم الله تعالى على بصيرة منه وهو حرام بالإجماع.