ولما كان الأمر بالتحريض على القتال، وبيان قدرة المؤمنين على غلبة عدوهم في مقابلة المؤمنين لأكثر من عددهم مقتضياً ألا يبقوا على عدو جاء ساحة القتال. قال تعالى:(مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ. . .) الآية.
أما بحث تركيب (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ) فقد استوفيناه عند الحديث على قوله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) من سورة التوبة.
وإجمال ذلك أن هذا التركيب المؤلف من (ما) النافية الداخلة على (كان) المقرون خبرها بلام الجحود يحتمل معنيين:
الأول: التبرئة والتنزيه، وعدم الوقوع.
الثاني: النهي الضمني عن أن يقع متعلق الخبر.
ومعنى الآية على الوجه الأول: أن الله يبرئ نبيه - صلى الله عليه وسلم - وينزه ساحته عن أن يكون له قصد في أخذ الأسرى وإنهاء المعركة قبل الإثخان في الأرض.
ويجوز -على الوجه الثاني- أن يكون المراد نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن أن يكون له أسرى قبل الإثخان في الأرض والمبالغة في إضعاف قوة العدو، وإن كان النهي لا يستلزم وقوع المنهي عنه من المخاطب لجواز أن يكون وقوع المنهى عنه كان ممن له صلة تبعية بالمخاطب، ويؤيد هذا " أن في التنكير -أي تنكير نبي في قوله (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ) - إبهاماً في كون النفي لم يتوجه عليه معيناً تلطفاً به - صلى الله عليه وسلم - وإشارة إلى أن هذا سنة من سنن الله تعالى مع