والعدل في معاملتهم لأن العداوة لا تبيح مجانبة الحق والعدل، ولأن الكفر لا يبيح معاملة الكافر بما لم يعاملنا به، فلا يعتدى عليهم في مال أو عرض بغير حق ثابث وعدل قائم القواعد ولا يمثل بهم.
وجاء قوله (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ) مقرراً لقاعدة عامة هامة، وهي أن الله تعالى قد جعل الحكم بين جميع الناس قائماً على الحق والعدل سواء كان الناس كفاراً أم مؤمنين، أصدقاء أم أعداء، لا يُحَابي قريباً لقرابته ولا صديقاً لصداقته ولا يتحيف على عدو لعداوته، بل الناس بجميع أجناسهم وألوانهم وأديانهم وأحوالهم أمام الحكم بالحق والعدل سواء.
وهذا رد إلى ما تقدم في هذه السورة الكريمة من الأمر بالحكم بين الناس بالعدل في قوله (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) فهو من باب التأكيد المعنوي، فقوله هنا في هذه الآية -موضع البحث- (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ) في مقابلة قوله في تلك (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ).
ولعل هذا هو وجه من جعل ربط هذه الآيات الثلاث بالآية المتقدمة الآمرة بالحكم بين الناس بالعدل.
والذي أراه الله إياه اختلف فيه العلماء فقال فريق: هو ما يراه - صلى الله عليه وسلم - بالرأي والاجتهاد، وقال فريق آخر هو ما ينزل عليه به