وهذا المعنى العام يجمع بين هاتين الآيتين آية سورة الأعراف وآية سورة هود هذه.
وهذا يقتضي مكية آية سورة هود هذه خلافاً لمن زعم أنها مدنية مخالفاً بذلك رأي الجمهور، وهو الذي يتمشى مع مبنى هذه السورة كلها في أنها من قبيل إرشاد الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - إلى كيفية الدعوة من مفتتح السورة إلى مختتمها كما صرح بذلك صاحب الكشف فيما نقله عنه الألوسي فِي روح المعاني.
وقد بينا ما اختصت به آية سورة الأعراف من تعليل النهي عن ضيق الصدر بالإنذار والتذكير، أما هنا في آية سورة هود هذه فنرى ضيق الصدر معللاً بأن المشركين أرادوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتطلع إلى زخارف الدنيا ليجذب بها قلوب المدعوين إلى الله، فكانوا يقولون لولا أنزل عليه كتر ينفق منه على دعوته ويجتذب به القلوب ويستغني به هو وأصحابه في كسب الأنصار، ويشتري به النفوس، ويستهوي به القلوب.
فإلم يكن معه كنز فليكن معه ملك يشهد برسالته وصدقه في دعوته.
وقد جاءهم الرد من الله تعالى على هذا التعنت، والعناد والمكابرة بالباطل ببيان مهمة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأنه في دعوته ورسالته ما هو إلا نذير الكافرين يخوفهم بطش الله تعالى وانتقامه، ويلفت نظرهم إلى ما وقع على أمثالهم من الأمم السابقة الذين أخذهم الله بذنوبهم فلم يترك لهم من باقية.