الوجه الأول: قوله تعالى: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا) وهذه جملة شرطية صريحة في بيان ما انطوت عليه أنفسهم من العمل المفسد للمجتمع الإسلامي، وإيقاع الخبال فيه، والفتن التي تذهب بقوة الجيش وتوهن عزائمه.
والتعبير بقوله (مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا) المقتضي لوجود أصل الخبال في جمهرة المسلمين إنما يقصد إلى بعض ضعفاء الإيمان الذين يسمعون إلى قول المنافقين، ويتأثرون به في ضعف عزائمهم، ورعب قلوبهم، وخوفهم من ملاقاة العدو، وهم المقصودون بقوله (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ).
الوجه الثاني: قوله (وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) ومعنى هذا أن الله تعالى يصف هؤلاء المنافقين بأنهم سراع الحركة والتوثب بين جماعات المسلمين لإلقاء الأكاذيب والمفتريات تخذيلاً لهم، وفتنة لأنفسهم لصرفهم عن معالي أمور الجهاد، ثم أكد هذا الأمر بقوله (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) أي أن هذه المجتمعات الكبيرة المتعددة الأفراد والطوائف، المتعرضة لأشق ما يتعرض له المجاهدون لا تخلو عن ضعاف النفوس الذين يفرقرن بمجرد سماع الإشاعات والأكاذيب، فإذا سمعوا من المنافقين أكاذيبهم فى افتراءاتهم تخاذلوا عن جهادهم ومواقفتهم للعدو في صفوف المؤمنين.
ثم ختم الله تعالى بما يسجل أظلم الظلم على هؤلاء المنافقين، وقد تضمن ذلك وعيداً شديداً لهم على ما أضمروا في أنفسهم من إحداث الفتن بين المؤمنين، والإبهام في الوعيد أشد من التصريح به.