آخراً حيث استقر الأمر على رأيه، ولكمال نظر الصديق فإنه رأى ما يستقر عليه حكم الله آخراً وغلبة جانب الرحمة على جانب العقوبة قالوا: وأما بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنما كان رحمة لنزول العذاب بمن أراد بذلك عرض الدنيا، ولم يرد ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أبو بكر ".
وقال الحافظ ابن حجر -في الفتح-: " وقد اختلف السلف في أي الرأيين كان أصوب؟ فقال بعضهم: كان رأي أبي بكر لأنه وافق ما قدر الله في نفس الأمر، ولما استقر الأمر عليه، ولدخول كثير منهم في الإسلام إما بنفسه، وإما بذريته التي ولدت له بعد الوقعة، ولأنه وافق غلبة الرحمة على الغضب كما ثبت ذلك عن الله في حق من كتب له الرحمة ".
وهؤلاء المختلفون إنما نظروا لحديث مسلم ولم ينظروا لحديث تخيير جبريل وهو ليس دون حديث مسلم في الصحة كما سبق أن ذكرنا حكم الحافظ ابن حجر عليه بالصحة عند الترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم وحديث تخيير جبريل ينفى نفياً قاطعاً ما جاء في حديث مسلم من البدء بمشاورة الصحابة قبل إخبارهم بالتخيير، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هوى ما قال أبو بكر ولم يهو ما قال عمر.
وهذا إنما يعني ميل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رأي أبي بكر لغلبة الرحمة عليه - صلى الله عليه وسلم - ويمنع قتل الأسرى لو أراده الصحابة، بل في بعض الروايات ما يدل على أكثر من ذلك في حق ما كان يسمع به النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأسارى من المن عليهم