وجمع من المحدثين منهم الحافظ ابن حجر والقسطلاني في المواهب والزرقاني في شرحها والحذاق من المفسرين منهم ابن العربي والقرطبي وغيرهم ممن يعنون بفهم الآيات القرآنية في سياقها وطلب الهداية منها وتنزيه الرسل عما لا يليق بهم من الروايات البعيدة عن منطق الحق والواقع - إلى القول بأن ما أخفاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفسه وأبداه الله تعالى إنما هو إعلام الله له أنَّهَا ستكون من أزواجه بعد طلاق زيد لها وانقضاء عدتها منه كما ذكرناه سابقاً.
وإنما كان العتاب على إخفاء الإعلام بزواجها منه وتلبثه - صلى الله عليه وسلم - بعد أن عرض عليه زيد طلاقها - اجتهاداً منه - صلى الله عليه وسلم - استجابة لطبيعته - صلى الله عليه وسلم -، المجبولة على الرأفة والرحمة وأخذاً بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة والإرشاد إذ لم يعين الله له وقت تزويجه منها، وليتعرف - صلى الله عليه وسلم - ما عند زيد بالنسبة إليها من رغبة فيها وميل إليها.
ويحتمل في فهم القصة وآياتها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استشعر منذ نزلت عليه آية إبطال التبني في قوله تعالى (مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ)