وثانيهما: أن تزويج زيد بها - وهي في شرفها ونسبها من قومها في قريش، وقرابتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمل عظيم يسديه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته يهدم به عادة جاهلية، ويغرس به قاعدة العدالة، والمساواة بين أفراد المجتمع المسلم، حتى لا يتفاضل بالأحساب والأنساب، وليرجع إلى ما أمر الله به من التفاضل بالتقوى والعمل الصالح تحقيقاً لقوله تعالى:(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عريى، ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى ".
فزوّجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيداً وأمهرها عنه ما ذكرته الروايات، وبهذا وضعت قاعدة المساواة في النكاح بين جميع المسلمين والمسلمات تحقيقاً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " الذي جعل قاعدة المساواة في الدين والخلق، ولا دخل في ذلك للأنساب والأحساب مما كان يبني عليه الجاهليون اعتباراتهم.