للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويراد بالمستغني إما شخص، أو أشخاص على حسب ما جاء في روايات أسباب النزول، ففى بعضها أنه الوليد بن المغيرة، وفي بعضها أنه أمية بن خلف، وفي بعضها أنه عظيم من عظماء المشركين ولم يسمه، وفي بعضها ناس من وجهاء المشركين منهم أبو جهل وعتبة.

والتعبير بقوله " استغنى " فيه دلالة على الجحود استكباراً وعناداً وتعالياً بما في الأيدي من نشب الدنيا.

ثم قال تعالى (فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) أي أن هذا المستكبر المستغي المعاند الذي عرف الحق فلم يقبل عليه ولم يقبله، وقد عرفت ذلك من سابق حاله معك فأنت تتصدى له وتتعرض لدعوته، وتحرص على إسلامه وهو- في مقابل إعراضه واستغنائه- أحق بالإعراض والتولي ممن جاءك يسعى لطلب الهداية والإيمان.

ثم قال تعالى في حق هذا المستغني عن الإيمان والهداية مع الإقرار بحقيتهما: (وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) بياناً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن التزكي والتطهر بقبول الإيمان والهداية لا يتوقف على الأشخاص ومكانتهم في هذه الحياة الدنيا من الثراء والتفاخر بكثرة الأولاد والأموال والإعتزاز بالقبلية وكثرة الاتباع والأعوان.

ثم قال تعالى (وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى) أي لطلب الإيمان والهداية أو لطلب الإزدياد في العلم بما أنزل الله من أحكام الشريعة، (وَهُوَ يَخْشَى) أي يخاف من الله تعالى، ومن عذابه (فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) أي بالحديث مع المستغني المستكبر المعاند حرصاً على دخوله الإسلام طمعاً في أن يسلم

<<  <   >  >>