وقد وجدنا أن العتاب فيما قيل إنه عوتب عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إنما كان على ما حكم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالاجتهاد والاجتهاد محتمل الخطأ.
فما جاء من العتاب إنما هو من قبيل تصحيح الخطأ في الاجتهاد فوجهه الله تعالى إلى الأخذ بالأصوب فعاد الحكم بذلك إلى الوحي.
كما ظهر لنا من البحث أن بعضاً من الآيات التي قيل إن فيها عتاباً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحتمل العتاب وغيره كما قد أوضحنا ذلك في مكانه من دراستنا للآيات الكريمة.
ومما يشرح الصدر، ويبهج النفس أن المتتبع لآيات عتابه - صلى الله عليه وسلم -، يرى بوضوح وجلاء أن كل موضع من ذلك يعقب بنوع من الترفق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخطاب طمأنة لقلبه الطاهر، تنادي بأن ما صدر منه من خطأ في الاجتهاد ووجه إلى الأخذ بالأصوب منه فيما يستقبل من حوادث، لم يؤثر على شيء مما ناله من شرف القرب والرضا عليه من الله تعالى، مما يمكن أن يقال فيه: إنه مسح بيد الرحمة على القلب الطاهر الرحيم الذي جعله الله هدى للعالمين.
وتظهر فائدة هذا البحث في بيان المراد من الخطاب بهذه الآيات لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجلاء معناها في سياقها ردًا لبعض الشبه التي يتعلق بها أعداء الإسلام ومقلدوهم من المسلمين.
كما تظهر فائدته -أيضاً- في تثبيت إيمان المؤمنين بمعرفتهم الصحيحة لمعاني هذه الآيات، وإظهار مكانة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحفاوة الله تعالى به في تربيته ومخاطباته فيما يعلمه الله إياه ليكون قدوة لأمته.